فصل: تفسير الآيات (8- 14):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)



.سورة المؤمنون:

.تفسير الآيات (1- 7):

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)}
{قد أفلح المؤمنون} سعد المصدِّقون، ونالوا البقاء في الجنَّة.
{الذين هم في صلاتهم خاشعون} ساكنون لا يرفعون ابصارهم عن مواضع سجودهم.
{والذين هم عن اللغو معرضون} عن كلِّ ما لا يجمل في الشَّرع من قولٍ وفعلٍ.
{والذين هم للزكاة فاعلون} للصَّدقة الواجبة مُؤَدُّون.
{والذين هم لفروجهم حافظون} يحفظونها عن المعاصي.
{إلاَّ على أزواجهم} من زوجاتهم {أو ما ملكت أيمانهم} من الإماء {فإنهم غير ملومين} لا يلامون في وطئهنَّ.
{فمن ابتغى} طلب ما {وراء ذلك} بما بعد الزَّوجة والأَمَة {فأولئك هم العادون} المتعدُّون عن الحلال إلى الحرام.

.تفسير الآيات (8- 14):

{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)}
{والذين هم لأماناتهم} ما ائتمنوا عليه من أمر الدِّين والدُّنيا {وعهدهم راعون} وحلفهم الذي يُوجد عليهم راعون، يرعون ذلك ويقومون بإتمامه.
{والذين هم على صلواتهم يحافظون} بإدائها في مواقيتها.
{أولئك هم الوارثون} ثمَّ ذكر ما يرثون فقال: {الذين يرثون الفردوس} وذلك أنَّ الله تعالى جعل لكلِّ امرئ بيتاً في الجنَّة، فمَنْ عمل عمل أهل الجنَّة ورث بيته في الجنَّة، والفردوس خير الجنان.
{ولقد خلقنا الإنسان} ابن آدم {من سلالة} من ماءٍ سُلَّ واستُخرِجَ من ظهر آدم، وكان آدم عليه السَّلام خُلق من طينٍ.
{ثمَّ جعلناه} جعلنا الإنسان {نطفة} في أوَّل بُدوِّ خلقه {في قرار مكين} يعني: الرَّحم. وقوله: {ثم أنشأنا خلقاً آخر} قيل: يريد الذُّكورية والأُنوثيَّة. وقيل: يعني: نفخ الرُّوح. وقيل: نبات الشَّعر والأسنان {فتبارك الله} استحقَّ التَّعظيم والثَّناء بدوام بقائه {أحسن الخالقين} المُصوِّرين والمُقدِّرين.

.تفسير الآية رقم (17):

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17)}
{ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق} سبع سمواتٍ، كلٌّ سماءٍ طريقةٌ {وما كنَّا عن الخلق غافلين} عمَّن خلقنا من الخلق كلِّهم.

.تفسير الآية رقم (18):

{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18)}
{وأنزلنا من السماء ماء بقدر} بمقدارٍ معلومٍ عند الله تعالى {فأسكناه} أثبتناه {في الأرض} قيل: هو النِّيل ودجلة، والفرات، وسيحان وجيحان. وقيل: هو جميع المياه في الأرض {وإنا على ذهابٍ به لقادرون} حتى تهلكوا أنتم ومواشيكم عطشاً.

.تفسير الآية رقم (20):

{وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ (20)}
{وشجرة تخرج} يعني: الزَّيتون {من طور سيناء} يعني: جبلاً معروفاُ، أوَّل ما ينبت الزَّيتون ينبت هناك {تنبت بالدهن} لأنَّه يتَّخذ الدُّهن من الزَّيتون {وصبغ} إدامٍ {للآكلين}.

.تفسير الآيات (24- 26):

{فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26)}
{يريد أن يتفضل عليكم} يتشَّرف عليكم، فيكون أفضل منكم بأن يكون متبوعاً، وتكونوا له تبعاً {ولو شاء الله لأنزل ملائكة} تُبلِّغنا عنه {ما سمعنا بهذا} الذي يدعوا إليه نوحٌ {في آبائنا الأولين}.
{إن هو} ما هو {إلاَّ رجلٌ به جنة} جنونٌ {فتربصوا به حتى حين} انتظروا موته حتى يموت.
{قال رب انصرني} بإهلاكهم {بما كذَّبون} بتكذيبهم إيّاي.

.تفسير الآيات (27- 33):

{فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33)}
{فأوحينا إليه...} الآية. مُفسَّرة في سورة هود. {فاسلك فيها} أَيْ: اُدخل في السَّفينة، والباقي مفسَّر في سورة هود.
{فإذا استويت} اعتدلت في السَّفينة راكباً. الآية.
{وقل رب أنزلني} منها {منزلاً} إنزالاً {مباركاً} فاستجاب الله تعالى دعاءَه حيث قال: {اهبط بسلام منا وبركات عليك} وبارك فيهم بعد إنزالهم من السَّفينة، حتى كان جميع الخلق من نسل نوحٍ ومَنْ كان معه في السَّفينة.
{إنَّ في ذلك} الذي ذكرت {لآيات} لدلالاتٍ على قدرتنا {وإن كنا لمبتلين} مُختبرين طاعتهم بإرسال نوحٍ إليهم.
{ثم أنشأنا من بعدهم} أحدثنا {قرناً آخرين} يعني: عاداً.
{فأرسلنا فيهم رسولاً منهم} وهو هود. وقوله: {وأترفناهم} أَيْ: نعَّمناهم ووسَّعنا عليهم.

.تفسير الآيات (35- 37):

{أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)}
{أنكم مخرجون} أَيْ: من قبوركم أحياء.
{هيهات هيهات} بُعْداً {لما توعدون} من البعث.
{إن هي} ما هي {إلاَّ حياتنا الدنيا} يعني: الحياة الدَّانية في هذه الدَّار {نموت ونحيا} يموت الآباء، ويحيا الأولاد.

.تفسير الآيات (39- 41):

{قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}
{قال رب انصرني} عليهم {بما كذبون} بتكذيبهم إيَّاي.
{قال عمَّا قليل} عن قريبٍ {ليصبحنَّ نادمين} يندمون إذا نزل بهم العذاب على التَّكذيب.
{فأخذتهم الصيحة} صيحة العذاب {بالحق} بالأمر من الله تعالى {فجعلناهم غثاء} هلكى هامدين كغثاء السَّيل، وهو ما يحمله من بالي الشَّجر {فبعداً} فهلاكاً {للقوم الظالمين} المشركين.

.تفسير الآيات (43- 46):

{مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44) ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46)}
{ما تسبق من أمة أجلها} لا تموت قبل أجلها {وما يستأخرون} بعد الأجل طرفة عين. وقوله: {تترا} أَيْ: متتابعةً {وجعلناهم أحاديث} أَيْ: لمَنْ بعدهم يتحدَّثون بهم. وقوله: {وكانوا قوماً عالين} مستكبرين قاهرين غيرهم بالظُّلم.

.تفسير الآية رقم (47):

{فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47)}
{وقومهما لنا عابدون} أَيْ: مُطيعون مُتذلِّلون.

.تفسير الآيات (49- 53):

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)}
{ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون} لكي يهتدي به قومه.
{وجعلنا ابن مريم وأُمَّه آية} دلالةً على قدرتنا {وآويناهما إلى ربوة} يعني: بيت المقدس، وهو أقرب الأرض إلى السَّماء {ذات قرار} أرضٍ مستويةٍ، وساحةٍ واسعةٍ {ومعين} ماءٍ ظاهرٍ. وقيل: هي دمشق.
{يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} هذا خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، والمراد به أنَّ الله تبارك وتعالى كأنه أخبر أنَّه قد قال لجميع الرُّسل قبله هذا القول، وأمرهم بهذا، والمعنى: كلوا من الحلال.
{وإنَّ هذه أمتكم أمة واحدة} أَيْ: ملَّتكم أيُّها الرُّسل ملَّةٌ واحدةٌ، وهي الإِسلام {وأنا ربكم} شرعتها لكم وبيَّنتها لكم {فاتقون} فخافون.
{فتقطعوا أمرهم بينهم} يعني: المشركين واليهود والنَّصارى {زبراً} فرقاً {كلُّ حزب} جماعةٍ {بما لديهم} بما عندهم من الدِّين {فرحون} مُعجبون مسرورون.

.تفسير الآيات (54- 57):

{فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56) إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57)}
{فذرهم في غمرتهم} حيرتهم وضلالتهم {حتى حين} يريد: حتى حينِ الهلاكِ بالسَّيف أو الموت.
{أيحسبون أنما نمدُّهم به} ما نبسط عليهم {من مال وبنين} من المال والأولاد في هذه الدُّنيا.
{نسارع لهم في الخيرات} نُعطيهم ذلك ثواباً لهم {بل لا يشعرون} أنَّ ذلك استدراجٌ، ثمَّ رجع إلى ذكر أوليائه فقال: {إنَّ الذين هم من خشية ربهم مشفقون} خائفون عذابه ومكره.

.تفسير الآيات (60- 62):

{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62)}
{والذين يؤتون ما آتوا} يُعطون ما يُعطون {وقلوبهم وجلة} خائفةٌ أنَّ ذلك لا يُقبل منهم، وقد أيقنوا أنَّهم إلى ربِّهم صائرون بالموت. وقوله: {وهم لها سابقون} أَيْ: إليها، ثمَّ ذكر أنَّه لم يُكلِّف العبد إلاَّ ما يسعه، فقال: {ولا نكلف نفساً إلاَّ وسعها} فمَنْ لم يستطع أن يصلي قائماً فليصلِّ جالساً {ولدينا كتاب} يعني: اللَّوح المحفوظ {ينطق بالحق} يُبيِّن بالصِّدق {وهم لا يظلمون} لا يُنقصون من ثواب أعمالهم.

.تفسير الآيات (63- 70):

{بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65) قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)}
ثمَّ عاد إلى ذكر المشركين فقال: {بل قلوبهم في غمرة} في جهالةٍ وغفلةٍ {من هذا} الكتاب الذي ينطق بالحقِّ {ولهم أعمال من دون ذلك} وللمشركين أعمالٌ خبيثةٌ دون أعمال المؤمنين الذين ذكرهم {هم لها عاملون}.
{حتى إذا أخذنا مترفيهم} رؤساءَهم وأغنياءَهم {بالعذاب} بالقحط والجوع سبع سنين {إذا هم يجأرون} يضجُّون ويجزعون، ونقول لهم: {لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون} لا تُمنعون، ولا ينفعكم جزعكم.
{قد كانت آياتي تتلى عليكم} يعني: القرآن {فكنتم على أعقابكم} على أدباركم {تنكصون} ترجعون القهقرى مُكذِّبين به.
{مستكبرين به} أي: بالحرم، تقولون: لا يظهر علينا أحدٌ؛ لأنَّا أهل الحرم {سامراً} سُمَّاراً باللَّيل {تُهْجِرُون} تهذون وتقولون الهُجر من سبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
{أفلم يدبروا القول} يتدبَّروا القرآن، فيقفوا على صدقك {أم جاءهم} بل أَجاءهم {ما لم يأت آباءهم الأولين} يريد: إنَّ إنزال الكتاب قد كان قبل هذا، فليس إنزال الكتاب عليك ببديعٍ ينكرونه.
{أم لم يعرفوا رسولهم} الذي نشأ فيما بينهم وعرفوه بالصِّدق.
{أم يقولون} بل أيقولون {به جنة} جنونٌ {بل جاءهم} ليس الأمر كما يقولون، بل جاءهم الرَّسول {بالحق} بالقرآن من عند الله.